منطقة “بوتين-أردوغان” خلال شباط: التحالف يقتل “خليفة البغدادي” وانخفاض في الاستهدافات الجوية الروسية.. وتوقف عملية التعليم في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية
المرصد السوري يجدد مطالبه للمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين بعيداً عن المصالح "التركية-الروسية"
تشهد منطقة “خفض التصعيد” أو ما يعرف بمنطقة “بوتين-أردوغان” الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، وقفًا لإطلاق النار في منطقة “خفض التصعيد”، انبثق عن اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في الـ 5 من شهر آذار/مارس 2020.
بيد أن هذا الاتفاق إعلامي فقط، حيث تشهد المنطقة تصعيداً كبيراً من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية والتابعة لها وللروس، عبر قصف يومي بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، مخلفة خسائر بشرية ومادية فادحة، على مرأى “الضامن” التركي الذي يكتفي بإطلاق قذائف على مواقع لقوات النظام لم تمنع من الحد منذ هذا التصعيد الكبير الذي يتركز بالدرجة الأولى على القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، وبدرجة أقل القطاع الشرقي من ريف إدلب وبلدات وقرى سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، وجبال اللاذقية وريف حلب الغربي، كما يتمثل التصعيد بعمليات قصف جوي تنفذها طائرات حربية روسية مخلفة خسائر بشرية ومادية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره، عمل على رصد وتوثيق الانتهاكات المرتكبة بحق أبناء الشعب السوري في تلك المنطقة، خلال الشهر الثاني من العام 2022، سواء بما يتعلق بالتصعيد العسكري من قبل النظام والروس، أو حالة الفوضى والفلتان الأمني الذي يؤثر بشكل سلبي على حياة المواطنين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، وسط تعامي دولي عنهم.
انخفاض كبير بعدد الغارات الجوية الروسية
أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، 8 غارات جوية شنتها طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الروسي على منطقة “خفض التصعيد”، خلال شباط/فبراير، لم تسفر تلك الضربات عن خسائر بشرية، وطالت الضربات الجوية تلك موقعًا على دفعتين، الأولى في 3 شباط، استهدفت محيط كفرشلايا بريف إدلب بـ4 غارات، وجدد الاستهداف للموقع ذاته في 6 شباط بذات عدد الضربات.
ورصد نشطاء المرصد السوري، انخفاضًا كبيرًا بعدد الضربات الجوية الروسية عن الشهر كانون الثاني الأول من العام الجديد التي بلغت أكثر من 50 غارة.
ولا تزال تغيب طائرات النظام الحربية والمروحية أن أجواء منطقة “بوتين-أردوغان” منذ الاتفاق الروسي-التركي في آذار/مارس 2020، إلا أن المقاتلات الروسية تنوب عنها في عمليات القصف الجوي.
مئات القذائف تطال أكثر من 40 موقعاً..
إلى جانب الاستهدافات الجوية الروسية المتكررة على منطقة “خفض التصعيد”، لم تتوقف عمليات القصف البري على المنطقة في شباط/فبراير، حيث رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكثر من 1400 قذيفة وصاروخ سقطت ضمن مناطق سكنية وعسكرية، أطلقتها قوات النظام والمسلحين الموالين لها على مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل والمجموعات الجهادية، مستهدفة 44 منطقة في أرياف حلب وإدلب وحماة واللاذقية.
توزعت كالآتي 500 قذيفة في ريف حلب، سقطت على كل من محيط بلدة الأتارب والأطراف الشرقية للبلدة، وقرى الشيخ سليمان وتقاد وتديل وكفر تعال وكفر عمة والقصر وكفرنوران.
و400 قذيفة ضمن ريف إدلب، على كل من النيرب ومجدليا ومعربليت والرويحة ومنطف ومعرزاف وبينين ودير سنبل وشنان والبارة وكنصفرة وفليفل وسفوهن والفطيرة وكفرعويد وعين لاروز وبليون وأبلين والحلوبة والفطاطرة ومعارة النعسان وأطراف ترمانين.
و 300 قذيفة ضمن ريف حماة، على كل من العنكاوي وقليدين وخربة الناقوس وتل واسط والمنصورة والزيارة والمشيك والسرمانية.
و200 قذيفة ضمن ريف اللاذقية، على كل من تلال كبانة ومحور الخضر والتفاحية ودير الأكراد، ومحاور جبل التركمان.
بالإضافة للقصف البري، استهدفت طائرة انتحارية يرجح بأنها للقوات الروسية، نقاط الفصائل وهيئة تحرير الشام على محور قرية كفرنوران بريف حلب الغربي، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
وأسفر القصف البري لقوات النظام وفقاً لتوثيقات المرصد السوري عن استشهاد 13 مدني، بينهم سيدتين وطفلين
ومن ضمن الحصيلة 6 قضوا في مجزرة بريف إدلب، حيث ارتكبت النظام البرية يوم السبت 12 شباط مجزرة مروعة، نتيجة القصف البري على بلدة معارة النعسان شمال شرقي إدلب، استشهد خلالها 6 مدنيين من عائلة واحدة، هم رجلان اثنان وطفلان اثنان وامرأتان اثنتان.
كما قتل شخص جراء قصف صاروخي نفذته قوات النظام على بلدة تقاد بريف حلب الغربي في 12 شباط.
وقضى 4 أشخاص، في 17 شباط هم شقيقان اثنان ورجل آخر وشخص مجهول الهوية، بالإضافة لسقوط 3 جرحى على الأقل، ممن قضوا وأصيبوا جميعاً جراء سقوط قذائف صاروخية على سوق للمحروقات ومحيطه ضمن منطقة ترمانين بريف إدلب الشمالي.
كما وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 27 شباط، مقتل شخصين، جراء قصف صاروخي نفذته قوات النظام على قرية آفس الواقعة شرقي مدينة إدلب.
في حين وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط 4 قتلى من قوات النظام على يد الفصائل خلال الشهر الثاني من العام في منطقة “خفض التصعيد”، بينما قتل اثنين من الفصائل على يد قوات النظام خلال الشهر ذاته.
مخلفات الحرب لاتزال تحصد أرواح المدنيين
لا تزال مخلفات الحرب تزهق أرواح السوريين في مختلف المناطق السورية ومنها منطقة “خفض التصعيد”، حيث وثق المرصد السوري في شهر شباط، استشهاد مواطنين اثنين، وإصابة 7 آخرين، 6 منهم أطفال، ففي 13 الشهر، استشهد مسن وأصيبت زوجته جراء انفجار جسم غير من منفجر لم يتم تحديد نوعه في بلدة تفتناز شمال شرقي إدلب.
وفي 21 شباط، أصيب 3 أطفال بجروح بعضها خطرة، إثر انفجار ذخائر من مخلفات الحرب في مدينة جسر الشغور.
كما أصيبت طفلة بانفجار جسم من مخلفات الحرب، بعد جمعها حطب للتدفئة مع عائلتها في محيط بلدة دركوش بريف إدلب الغربي.
وفي 23 شباط، وثق المرصد السوري استشهاد طفل متأثراً بجراح أصيب بها، جراء انفجار قنبلة من مخلفات قصف سابق لقوات النظام في قرية عدوان غربي إدلب، كما أصيب طفلين اثنين بجراح جراء انفجار قنبلة من مخلفات قصف سابق لقوات النظام في بلدة بليون الواقعة ضمن جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
رصاص “الجندرما” يقتل طفل ورجل
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، استشهاد مواطن وطفل، جراء استهدافهما بالرصاص، من قبل حرس الحدود التركي “الجندرما”، ففي 10 شباط، استشهد طفل نازح 12 عام، برصاص الجندرما التركية قرب “مخيم بداما” في قرية عين البيضا بريف إدلب الغربي.
وفي 21 شباط، وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، استشهاد رجل نازح من بلدة العيس بريف حلب الجنوبي، نتيجة إصابته بطلق ناري بالرأس من قبل حرس الحدود التركي “الجندرما”، أثناء عمله في الأراضي الزراعية قرب قرية المشرفية في ريف سلقين شمال غربي إدلب.
فلتان أمني متواصل يخلف خسائر بشرية
رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال شهر شباط، 4 حوادث تؤكد استمرار الانفلات الأمني في مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام، أسفرت عن مقتل 5 أشخاص بينهم طفلين قتلا بطريقة بشعة في ريف إدلب، حيث عثر أهالي على جثة رجل، في 9 شباط، ملقاة على أطراف الطريق الدولي حلب-اللاذقية، قرب بلدة الكفير جنوبي جسر الشغور في ريف إدلب الغربي.
كما عثر أهالي مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، على شاب متوفى من مهجري مدينة حماة، بعد أن فقدوه لعدة أيام، وجدوه مقتولا في منزله.
وفي 20 شباط، عثر أهالي على جثتين لطفلين قرب مسكن عائلتهما في مخيم الوفاء بمنطقة أطمة الخاضعة لنفوذ هيئة تحرير الشام شمالي إدلب.
فيما اغتال مسلحون مجهولون بالأسلحة الرشاشة محقق في محكمة شرعية، من أبناء بلدة العيس بريف حلب الجنوبي.
توقف التعليم تحت مسمى”إضراب الكرامة للمعلمين”
شهد شهر شباط توقفًا للعملية التعليمية تحت مسمى “إضراب الكرامة للمعلمين”، حيث يعملون منذ سنوات دون تلقي أجور مادية، إضافة إلى غياب الدعم اللازم للقطاع التعليمي، حيث أصدرت نحو 80 مدرسة في مناطق إدلب وريفها بياناً، أعلنت فيه عن إغلاق أبوابها وإيقاف العملية التعليمية بسبب انقطاع الدعم عنها لفترة طويلة وعدم قدرتها على إكمال التعليم، وطالبت بتأمين حقوق المدرسين من رواتب شهرية لاستئناف العملية التعليمية في المدارس.
وتتبع المدارس التي أعلنت الإضراب العام عن التعليم لمديريتي التربية في حماة وإدلب وتشمل المجمعات التعليمية في كل من مدينة إدلب و مناطق جسر الشغور وأريحا ومعرة مصرين والدانا، وتعتبر “حكومة الإنقاذ” المتمثلة بوزارة التربية والتعليم هي الجهة المعنية والمسؤولة عن هذه التجمعات إلى جانب العديد من المنظمات الإنسانية المعنية بدعم القطاع التعليمي في الشمال السوري.
“الجولاني” يعتقل جهاديين في إدلب.. و”التحالف” يقتل “خليفة البغدادي”
يصدر “الجولاني” زعيم هيئة تحرير الشام” نفسه بأنه “محارب للإرهاب”، باعتقال العناصر الأجنبية ضمن الجماعات الجهادية، حيث نفذت هيئة تحرير الشام عملية أمنية واسعة، في مدينة إدلب، شمال غرب سوريا، اعتقلت خلالها أكثر من 20 جهاديًا من جنسيات غير سورية، ينتمون لتنظيمي “شام الإسلام” و “حراس الدين” المتهم بولائه لتنظيم “القاعدة”
وبحسب مصادر المرصد السوري، من بين الجهاديين الذين جرى اعتقالهم، شرعي بارز بتنظيم “حراس الدين” يدعى “أبو البراء” من حملة الجنسية التونسية.
وجاءت حملة الاعتقالات قبل ساعات من عملية إنزال لـ”التحالف الدولي” في منطقة أطمة عند الحدود الإدارية بين حلب وإدلب قرب الحدود مع لواء اسكندرون، أفضت إلى مقتل “خليفة البغدادي”.
وأسفرت العملية إلى مقتل عنصر من تحرير الشام قتل بالخطأ، و 13، بينهم 4 أطفال و3 نساء و3 جثث تحولت إلى أشلاء، بينما لا يعلم حتى اللحظة هوية البقية، قتلوا جميعاً في عملية الإنزال والاستهدافات الجوية من قبل قوات التحالف وطائراتها.
وبعد مضي 4 أيام على واقعة قتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية عبدالله قرداش” في بلدة أطمة الحدودية مع لواء اسكندرون شمالي إدلب، وعلم المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الجهاز الأمني التابع لهيئة “تحرير الشام” ومن خلال مكتبه الاقتصادي، أرسل بلاغات لعناصر جهادية من جنسيات غير سورية يعملون ضمن ما يسمى “أنصار الفصائل الإسلامية المستقلة” تنص على ضرورة إخلاء المنازل التي يسكنونها في مدينة إدلب.
ويذكر أن هؤلاء المقاتلين يسكنون مع عائلاتهم بمنازل تعود ملكيتها لعناصر و موالين للنظام ضمن مدينة إدلب، جرى الاستيلاء عليها عقب سيطرة ما يسمى سابقًا بـ “جيش الفتح” على المدينة في آذار/مارس من العام 2015 حيث قامت حينها محكمة “جيش الفتح” بتوزيع المنازل على الفصائل المشاركة في المعركة، وبعد قضاء “هيئة تحرير الشام” على بعض الفصائل المستقلة ومعاداتها لما تبقى من التشكيلات الجهادية والتضييق عليهم، تقوم حاليا بطردهم من المنازل التي استولوا عليها سابقا.
وفي سياق آخر، أعدمت هيئة تحرير الشام، في 18 شباط، إمام وخطيب أحد مساجد بلدة دركوش بريف إدلب، بتهمة “التخابر مع النظام وإعطاء إحداثيات لضباط في قوات النظام، بعد أن اعتقلته في أواخر أبريل/نيسان من العام 2019.
استمرار الأوضاع المأساوية وارتفاع الأسعار وفقدان بعض المواد
لا تزال المخيمات تعاني أوضاعًا مأساوية في ظل انخفاض كمية الدعم المقدم للنازحين، حيث يعيش نحو 3 مليون نازح في في شمال غربي سوريا، معظمهم في مخيمات سيئة.
كما ترتفع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، مما يزيد العبء على المواطنين، حيث فقدت مادة السكر من الأسواق، كما ارتفعت أسعار المحروقات نظرًا لارتفاع أسعارها عالميا، وانخفاض قيمة الليرة التركية التي يتداولها سكان إدلب.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، إذ يقدم رصداً مفصلاً لكافة التطورات ضمن منطقة “خفض التصعيد” خلال الشهر الفائت، فإنه ومن دوره كمؤسسة حقوقية، يطالب كافة القوى الدولية الفاعلة في سورية، والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإيقاف سيلان دماء السوريين، وتطبيق القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وتحييدهم عن العمليات العسكرية والصراع الدائر بين القوى المسلحة في المنطقة.
كما يطالب المرصد السوري ضامني اتفاق “بوتين- أردوغان” بالالتزام بالاتفاقات ومنع الخروقات والانتهاكات من قصف بري وجوي واستهدافات بالأسلحة الثقيلة، والتي يكون ضحاياها مدنيين سوريين لجأوا إلى مناطق خفض التصعيد أملاً في أمانٍ فقدوه، وهرباً من موت يلاحقهم.