مناطق “غصن الزيتون” في تشرين الأول: نحو 80 حالة اختطاف واعتقال تعسفي.. وأكثر من 55 انتهاك آخر في إطار سياسة التهجير الممنهجة من قبل الفصائل الموالية لأنقرة

83

منذ وقوع ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021.

فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر تشرين الأول، مقتل 17 شخص، توزعوا على النحو التالي: 9 أشخاص (4 من مقاتلي الفصائل الموالية لأنقرة، و5 مدنيين من ضمنهم 3 أشلاء وبينهم سيدة) جراء انفجار سيارة ملغمة ضمن مدينة عفرين، وامرأة حامل استشهدت تحت التعذيب داخل أحد المقرات التابعة للشرطة العسكرية والاستخبارات التركية في مدينة عفرين، وطفل جراء انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات الحرب بالقرب من قرية الزيارة في ناحية شيراوا بريف عفرين، و”لص” ينتمي لفرقة السلطان مُراد جراء تبادل إطلاق نار مع حراس قرية قورنة التابعة لناحية بلبل، وشاب من مهجري الغوطة الشرقية قتل على يد عنصرين من فصيل الجبهة الشامية في مدينة عفرين، وعنصر من السلطان مراد قتل برصاص عنصر آخر من ذات الفصيل في ناحية بلبل، وطفل نتيجة تعذيبه الشديد من قبل زوج والدته، وشاب أنهى حياته بإطلاق النار على نفسه في ناحية بلبل بسبب المضايقات التي يتعرض لها والتهديدات اليومية من قبل عنصر يتبع لفصيل “الجبهة الشامية” يدعى “أبو جعفر، وعنصر من فصيل فيلق الشام قتل متأثراً بجراح أصيب بها أثناء شجار مسلح بالأسلحة البيضاء مع مجموعة أشخاص بناحية جنديرس.

ورصد نشطاء المرصد السوري في منطقة “غصن الزيتون” خلال شهر تشرين الأول، تفجير واحد كان بتاريخ 11 تشرين الأول، حين انفجرت سيارة ملغمة في مدينة عفرين، الأمر الذي أدى إلى مقتل 9 أشخاص، هم 4 من مقاتلي الفصائل الموالية لأنقرة، و5 مدنيين من ضمنهم 3 أشلاء كانوا متواجدين ضمن السيارة الملغمة بينهم سيدة، بالإضافة لإصابة أكثر من 10 أشخاص بجراح متفاوتة.

كما شهدت المنطقة في أيلول، 3 اقتتالات، الأول جرى بالأسلحة البيضاء بين عناصر من “فيلق الشام” وآخرين من فصيل جيش الشرقية في ناحية جنديرس بتاريخ 7 تشرين الأول، أدى إلى مقتل عنصر فيلق الشام وإصابة اثنين آخرين بجراح.

الاقتتال الثاني كان بتاريخ 16 تشرين الأول، حيث اشتبك عناصر من فصيل “السلطان مُراد” من جهة، و فصيل “ملك شاه” من جهة أُخرى في ناحية شران بريف عفرين، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن طرفي القتال استخدما الرشاشات الثقيلة خلال الاشتباكات التي اندلعت بينهم على خلفية خلافهم على سرقة حقل زيتون، الأمر الذي أدى لتضرر عدد من منازل المدنيين نتيجة إطلاق الرصاص العشوائي.

الاقتتال الثالث كان بذات اليوم، بين عائلتين هما آل الحسن من جهة و آل حمود من جهة أخرى، في قرية أناب بريف عفرين، دون معلومات عن خسائر بشرية.

في حين لاتزال الفصائل الموالية للحكومة التركية تتفنن بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق أهالي المنطقة الذين رفضوا التهجير منها واختار البقاء في مناطقهم، بالإضافة لانتهاكات تطال المهجّرين إلى المنطقة أيضاً، وقد أحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت، قيام الفصائل الموالية لأنقرة بخطف واعتقال أكثر 79 مدني بينهم 19 امرأة، وذلك في مدينة عفرين ومناطق ضمن نواحي بلبل وراجو وشيخ الحديد ومعبطلي وشران وجنديرس التابعة لعفرين، جرى الإفراج عن قسم منهم بعد دفع ذويهم لمبالغ مادية، بينما البقية لا يزالون قيد الاعتقال والخطف.

وفي خضم الحديث عن الانتهاكات، وثق المرصد السوري في شهر تشرين الأول، 24 حالة سرقة وجني محاصيل الزيتون من قبل الفصائل الموالية لأنقرة وبلغ تعداد الأشجار المسروقة والتي تم سلب محصولها نحو 29400 شجرة، بالإضافة لأربعة حالات قطع للأشجار بغية بيعها واستخدامها بالتدفئة بالإضافة للبحث عن الآثار قربها وفي محيطها.

كما وثق المرصد السوري 16 حالة بيع لمنازل المهجرين من عفرين بمبالغ زهيدة بالإضافة لـ 13 عملية استيلاء على أملاك المهجرين من قبل الفصائل.

ويستعرض المرصد السوري فيما يلي سلسلة من هذه الانتهاكات، ففي الأيام الأولى من الشهر الفائت سرق فصيل “صقور الشمال” في 3 تشرين الأول، محصول أكثر من 17 ألف شجرة في قرى “عبودان” و” قارنه” و شيخورزة ” وقامو بعصرها في معصرة زيتون استولوا عليها في قرية” قارنة” بهدف عصر الزيتون المستولى عليها.

كما عمد عناصر من فصيل” لواء السمرقند” عمدوا إلى طرد عائلة نازحة مكونة من 8 أشخاص بينهم أطفال أيتام من منزل يقطنون به في قرية كفرصفرة في ناحية جنديرس بريف عفرين، حيث قام عناصر لفصيل بإلقاء أثاث منزل العائلة بالأراضي الزراعية، بحجة تحويل المنزل إلى مقر عسكري.

وفي التاسع من تشرين الأول، فرض فصيل سليمان شاه المعروف بـ “العمشات” والمسيطر على قرى ناحية شيخ الحديد في ريف عفرين، إتاوات كبيرة على الفلاحين مع اقتراب موسم جني محصول الزيتون، حيث فرضت إتاوات بنسبة تقدر بـ25 بالمئة على المحصول من زيت الزيتون لكل فلاح، وعينت مندوبين لها في المعاصر لتحصيل الإتاوة بشكل مباشر من الفلاحين.

في حين تقوم حواجز لواء السلطان سليمان شاه “العمشات” المواطنين من الذهاب إلى أراضيهم، بحجة فرض حظر التجوال لمنع انتشار فيروس “كورونا”، في قرية أرنده التابعة لناحية الشيخ حديد في ريف عفرين.

ووفقًا للمصادر فقد حاول أحد أهالي قرية أرنده الوصول إلى كرم الزيتون الخاص به قرب بلدة الشيخ حديد لقطاف مئات الأشجار التي يمتلكها، وعند وصوله إلى حاجز فصيل العمشات رفض عناصر الحاجز إدخاله، بحجة إغلاق المنطقة وفرض حظر التجوال بسبب “كورونا”، بينما قالت مصادر أهلية أن الفصيل منع دخول صاحب أشجار الزيتون، لأن عناصره يسرقون الزيتون لبيعه، بينما أوكل فصيل “أبو عمشة” مخاتير القرى التي يسيطر عليها لتحصيل نسبة تصل 25 في المئة من إنتاج الزيتون خلال هذا الموسم.

كما فرض الفصيل ذاته مبالغ مالية كبيرة على أصحاب الوكالات “بحسب الأرض وما تحمله من ثمار”، حيث يصل المبلغ لـ 1000 دولار أمريكي عن كل وكالة، والوكيل هو شخص مقرب من الدرجة الأولى من مالك الأرض.

كذلك أُصيبت فتاة بطلق ناري في منطقة الفخذ أثناء تصديها لمحاولة اختطافها من قبل قيادي في الجبهة الشامية “يدعى” “ي. ب” في 11 تشرين الأول، بقوة السلاح في مدينة عفرين، حيث جرى نقل الفتاة إلى المشفى العسكري في عفرين، دون معرفة أسباب ودوافع محاولة الاختطاف.

وفي أواخر الشهر، فرضت “فرقة الحمزة” المسيطرة على قرية الباسوطة، إتاوة جديدة على الأهالي وعلى السيارات العابرة ضمن القرية، من خلال فرض “فرقة الحمزة” إتاوة سنوية على أهالي القرية الباسوطة تقدر بـ 100 دولار شهرياً تحت بند ضريبة الحماية، بالإضافة الى فرض إتاوات على الفلاحين من خلال ارغامهم على دفع دولارين على كل شجرة زيتون سنويًا، كما فرضت إتاوات على السيارات العابرة ضمن قرية الباسوطة، بحيث على كل سائق يود العبور ضمن حواجز “فرقة الحمزة” دفع إتاوة ما بين 50 إلى 100 ليرة تركية مقابل السماح لهم بالعبور من القرية، وتعتبر قرية الباسوطة الشريان الحيوي الذي يعبر منه و بشكل يومي المئات من السيارات من وإلى مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” بإتجاه مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام”.

وفي ناحية بلبل فرض فصيل “فيلق المجد” إتاوة تقدر بـ 300 تنكة زيت على أهالي قرية كيلا بناحية بلبل تحت ذريعة “دعم الثورة السورية” حيث طالب المسؤول الاقتصادي في “فيلق المجد” من الأهالي بضرورة دفع إتاوات والتي تقدر بـ 300 إلى المكتب الاقتصادي، على أن تأخذ الكمية المطلوبة من الفلاحين بحسب ما يملكه كل فلاح.

فيما يواصل فيلق الشام” التضييق على أهالي عفرين عبر الاستمرار في الاستيلاء على ممتلكات المدنيين بالقوة السلاح وتدمير التلال الأثرية في المناطق الخاضعة لسيطرته في ناحية راجو بريف عفرين، حيث أقدم فصيل فيلق الشام في الـ 18 تشرين الأول، على الاستيلاء على أرض زراعية في قرية كازية بناحية راجو وزراعتها رغم وجود صاحبها بالقرية، كما أقدم عناصر من فصيل “فيلق الشام” على سرقة وجني محصول لمواطنة زيتون من أهالي قرية ميدان اكبس بناحية راجو بتاريخ 18 تشرين الأول، رغم من تقديم شكوى ضد الفصيل لدى “الشرطة العسكرية” إلى أنها أقدمت على سحب الدعوة بعد تهديدات تلقتها من قبل القيادي “ص.ا” وتقدر قيمة السرقات بنحو 70 كيس زيتون.

وفي خضم الحديث عن انتهاكات “فيلق الشام” لاتزال أعمال الحفر وجرف “تلة ناصر” الأثرية الكائنة في قرية عداما بناحية راجو متواصلة على قدم وساق لليوم الثاني عشر على التوالي، بحثًا عن الدفائن واللقى الأثرية، بواسطة الجرافات والآليات الثقيلة من قبل القيادي “صليل الخالدي” والقيادي “هشام” المسؤول عن قطاع قرية ميدان أكبس، حيث تسببت أعمال الحفر بتدمير التلة بشكل كامل واقتلاع الأشجار الحراجية والمثمرة العائدة ملكيتها للمواطنين (م. ع) و (ن. ن).

وبالانتقال إلى ملف التغيير الديمغرافي، تواصل الحكومة التركية العمل على ترسيخ هذا الملف في منطقة عفرين بحجج ومسوغات تحت مسميات “إنسانية”، من خلال إنشاء منازل وقُرى لتوطين وإسكان المهجرين فيها على أرض غالبية سكانها مهجرين مشردين بفعل عملية “غصن الزيتون”، حيث افتتحت جمعية “الأيادي البيضاء” بالتعاون مع منظمة “العيش بكرامة” لفلسطيني 48، قرية “بسمة” قرب قرية ديرة بناحية شيراوا بريف عفرين، بتاريخ 6 تشرين الأول، ومولت القرية الاستيطانية عدة جمعيات منها “جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية الكويتية ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية في دولة الكويت والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية و رحماء بينهم القطرية و بيت الزكاة الكويتي و الندوة العالمية للشباب الإسلامي و جمعية الإصلاح ولجنة الأعمال الخيرية البحرينية وجمعية النجاة الخيرية الكويتية و حملة لشامنا ذخر وسند الكويتية”

ونفذت القرية التي جرى افتتاحها من جمعية” الأيادي البيضاء” بالتعاون مع منظمة “العيش بكرامة” لفلسطيني “48”، حيث تتألف القرية من ثمانية كتل سكنية تضم 96 شقة سكنية بمساحة “45” متر مربع لكل شقة، شملت أيضاً على مرافق عامة ومسجد ومدرسة ومركز صحي ومركز لإدارة القرية.

وبالحديث عن مناطق “غصن الزيتون”، لابد من الإشارة إلى التفاصيل الكاملة لثلاثة حوادث مؤسفة شهدتها المنطقة خلال شهر تشرين الأول، ففي الخامس من الشهر أقدم شاب من أبناء ناحية بلبل بريف عفرين يعمل ضمن محل لبيع “الشاورما” على طريق راجو على الانتحار بعد قيامه بإطلاق النار على نفسه وسط المدينة، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن الشاب أقدم على الانتحار بسبب المضايقات التي يتعرض لها والتهديدات اليومية من قبل عنصر يتبع لفصيل “الجبهة الشامية” يدعى “أبو جعفر” ينحدر من قرية ماير شمالي حلب ، حيث يقوم عنصر “الشامية” بابتزازه بشكل دوري وأخذ إتاوات مالية منه لغض النظر عن شقيقه الذي كان يخدم في قوات “الدفاع الذاتي” إبان تواجد “الإدارة الذاتية” في عفرين، بالإضافة إلى تهديده بالاعتقال برفقة شقيقه في حال عدم دفع الإتاوات التي تُطلب منه، ليقدم على الانتحار نتيجة للضغوط النفسية التي تعرض لها خلال الفترات السابقة.

وفي الـ 20 من الشهر، استشهدت امرأة حامل بالشهر السادس من أهالي قرية حمشلك بناحية راجو، جراء تعرضها للتعذيب الشديد لأكثر من 6 ساعات متواصلة، داخل أحد المقرات التابعة للاستخبارات التركية في مدينة عفرين، شمالي غرب حلب، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن المواطنة أُعتقلت من قِبل المخابرات التركية و”الشرطة العسكرية” الموالية لها في الـ 11 من تشرين الأول الجاري، برفقة زوجها واثنين آخرين من ساحة آزادي في مدينة عفرين، بعد اتهامهم في التفجير الذي وقع يوم الاثنين الموافق لـ 11 تشرين الأول والذي خلف 9 قتلى من بينهم 4 من عناصر الفصائل الموالية لتركيا، حيث جرى اقتياد المعتقلين حينها إلى مدرسة “أمير الغباري” والتي تتخذها الاستخبارات التركية مقرًا لها في مدينة عفرين، حيث تعرض المعتقلون للتعذيب والضرب المبرح على يد عناصر المخابرات التركية و”الشرطة العسكرية” الأمر الذي أدى إلى إصابة المواطنة بجروح بالغة و كدمات في مختلف أنحاء جسدها، نُقلت على إثرها إلى إحدى مشافي عفرين لتلقي العلاج، إلا أنها فارقت الحياة متأثرة بجراحها، فيما أطلقت الاستخبارات التركية سراح زوجها و المواطنين الآخرين الذين كانوا معتقلين معها في وقت لاحق لعدم ثبوت تورطهم بالانفجار، كما تلقت عائلة الضحية تهديدات بالاختطاف من قبل الاستخبارات التركية و “الشرطة العسكرية” إذ افصحوا عن سبب استشهاد المواطنة للإعلام، ومطالبتهم بالادعاء أنها توفيت بسبب مشاكل صحية تتعلق بالحمل.

وفي 30 الشهر، توفي طفل يبلغ من العمر 13 عامًا، نتيجة تعذيبه الشديد من قبل زوج والدته، حيث تعرض الطفل لأنواع التعذيب منها الكي بالنار والربط بالسلاسل الحديدية، مما أدى وفاته في مستشفى بمدينة عفرين متأثرًا بإصابته، فيما حصل المرصد السوري على شريط مصور يظهر وحشية التعذيب الممارس بحق الطفل.

وأفادت مصادر المرصد السوري بأن قاتل الطفل عنصر في فصيل العمشات التابع لـ”الجيش الوطني”، وهو مدمن على المخدرات وذو سمعة سيئة في المنطقة.

وفي سياق ذلك، طوقت الشرطة العسكرية ومجموعات من الفصائل الموالية لتركيا منزل المتسبب بالجريمة مع مجموعة من العناصر، وسط معلومات عن اعتقاله.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.