المعتقلون السوريون.. ملف غير تفاوضي

بيان لنحو 35 منظمة وشخصية حقوقية وسياسية يطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين والكشف عن مصير المغيبين قسراً ومحاكمة المتورطين بتعذيب وقتل المعتقلين

80

لا يزال أهالي المعتقلين في سورية يبحثون عن إجابات بشأن أوضاع أبنائهم الذين لا يُعرف مصيرهم منذ2011، وسط صمت دولي قاس وتباطؤ في الوصول إلى فرض الحلّ السياسي الذي يتضمّنه القرار 2254 لعام 2015، والذي دعا إلى إطلاق سراح الموقوفين والمحتجزين قسريا سواء في سجون النظام أو لدى التشكيلات والفصائل المسلّحة..صرخة أهالي المعتقلين ترجمتها عديد الحملات المحلّية والدولية التي توجّهت للمجتمع الدولي لحلحلة الملف الشائك الذي يعتبر من الملفات الأساسية إنسانيا وقانونيا وسياسيا.
وقد نجحت بعض الأطراف عبر مسار أستانا في تحويل الملف من حقوقي فوق تفاوضي إنساني إلى ملف للتفاوض والمساومة.
إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المغيّبين مسألة فوق تفاوضية ومن غير الإنساني أن تكون محلّ مفاوضات ومساومات وحوارات بين مختلف الأطراف المتحاربة، فلا مساومة على أراء حرّة تصدت لأنظمة استبدادية من أجل بلد حرّ يكون فيه التداول السلمي عن السلطة أمرا طبيعيا لا محرّما تسل من أجله دماء الأبرياء.
لم تفلح تجربة الولايات المتحدة الأمريكية بعد إصدار “قانون قيصر” في وضع حدّ للاعتقالات المستمرة والانتهاكات بحق الأبرياء برغم كمية التوثيق التي بيّنت حجم التجاوزات ضد المعتقلين والمحتجزين قسريا، كما لم تفلح في تحويل تلك التسريبات إلى مؤيّدات قانونية لمعاقبة الجناة وإطلاق سراح المعتقلين بغض النظر عن ربط الأمر بحكومة انتقالية منوط بها إجراء هذه الخطوات.
لا بدّ من الحديث عن هذا الملف بعيدا عن كل الحسابات السياسية الضيّقة، ولا بدّ من حمل مآسي أكثر من 105 آلاف معتقل قضوا تحت التعذيب في سجون النظام ، من ضمنهم أكثر من 83% جرى تصفيتهم وقتلهم داخل هذه المعتقلات في الفترة الواقعة ما بين شهر آيار/مايو 2013 وشهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015، -أي فترة إشراف الإيرانيين على المعتقلات، وفق إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقد تمكّن المرصد من توثيق أكثر من 49 ألف منهم بالأسماء -أي من إجمالي 105 آلاف تأكد استشهادهم في سجون النظام- بينهم 67 مواطنة، و339 طفلاً دون سن الثامنة عشرة.
وقد وثّق المرصد قصصا مؤلمة لمعتقلين غادروا المعتقلات وهم في حالة نفسية مزرية بعد سنوات من التعذيب والتنكيل والرعب الذي عاشوه وراء غياهب لا يعلمون ماذا بعدها حياة أم ممات.
انطلقت آلة التنكيل بمجرّد أن هب ملايين السوريين من أجل حياة حرّة ديمقراطية وتعايش بين مختلف المكونات وفي سبيل التمتع بالحقوق الأساسية كحق الحياة الذي تضمنته المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو الحق الأعلى الذي لا يجوز الخروج عليه حتى في أوقات الطوارئ العامة، وهو الحق نفسه المكرس أيضا في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، وهذا الحق هو الأساس الذي تقوم عليه جميع حقوق الإنسان.
-حان وقت التنديد بكل الممارسات العنجهية لإيقاف نزيف التنكيل بالمعتقلين وفتح الملفّ جدّيا من قبل المجتمع الدولي الذي ظلّ صامتا تجاه مختلف التصرفات التي تتنافى ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحان وقت فضح كل الممارسات الإجرامية في سجون النظام ومختلف التنظيمات والتشكيلات المسلحة، في تلك القبور سيئة الصيت، حيث لا تزال سورية تشهد يوميا حالات قتل جرّاء التعذيب،ولن تتوقف هذه الجرائم إلا بضغط دولي جاد وحازم والسماح بزيارة المعتقلات من قبل المنظمات الحقوقية والمدنية السورية والدولية وتكليف مراقبين لإعداد تقارير مفصّلة عن وضع هؤلاء وتحميل المسؤوليات كاملة ومعاقبة من مارس ساديّته وإجرامه لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات الحرّة التي كان سلاحها الكلمة الحرّة ولم تلجأ إلى العنف.
لقد آن الأوان لكي نتّحد من أجل إيقاف مآسيهم وآلامهم وإيصال صوتهم المكتوم إلى العالم لتحريك الملفّ والمطالبة بتفتيش المعتقلات لكشف كل الحقائق وإنهاء مأساتهم، مع التذكير أن هذا الملف لم يكن وليد الثورة بل نتيجة حكم الأسد الأب قبل الابن، فنحن جميعنا اليوم كمجتمع حقوقي مطالبون بكسر حاجز الخوف والتردد، وتشجيع المعتقلين الذين أطلق سراحهم للحديث عن تجاربهم المريرة وفضح الممارسات الإجرامية المهينة لكرامة الإنسان بفعل آلة الرعب والقتل والسلاح.
المعتقلات التي يقبع في ظلماتها نساء ورجال وأطفال قُصّر، تعج بقصص الألم والعذاب لأبرياء..كما لا ننسى حالات العنف الجنسي بحق النساء السوريات، في محاولة لتدمير النسيج الاجتماعي للشعب السوري، إلى جانب التعذيب بالكهرباء والضرب المبرح والتدمير النفسي في محاولات لخلق جيل أعرج عاجز عن المواجهة، مكبّل وخائف وخانع وخاضع لسياسات خاطئة أدت بسورية إلى دمار معلن ضمن صورة دراماتيكية مؤلمة لواقع أبى صانعوه أن يتغيّر وحكموا على رافضيه بالموت السريري والمشاهدة والتصفيق،أو الموت وأسبابه كثيرة تُصنع لهذا المواطن أو ذاك حسب موقفه السياسي.
ولطالما نددنا بعمليات الاعتقال السياسي وفضحنا مخاطره .. ونحن اليوم أمام سياسة دولة تضعنا بين خيارين إما القبول والخنوع أو الزج بنا وراء القضبان في زنزانات لا يتجاوز عرض الواحدة منها ثلاثة أمتار يُحشر فيها عشرات المساجين، لا مكان فيها للجلوس أو النوم، قبل أن يُنقل كل معتقل إلى زنزانة منفردة لتُمارس عليه كل أنواع التعذيب بدءً من سكب الماء الساخن وصولا إلى قلع الأظافر والحرق بأكياس بلاستيكية وصولا إلى التعليق وفنون التعذيب المختلفة ، وكلها وسائل من أجل إجبار المعتقل على الاعتراف بما ارتكب وبما لم يرتكب، ضمن سياسة التعذيب النفسي وإهانة الكرامة الإنسانية في خرق فاضح لكل المبادئ التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. أساليب مستمرّة تنتظر المحاسبة للقطع معها نهائيا.
ويدعونا الواجب الإنساني كمنظمات حقوقية وشخصيات وطنية سورية إيمانا منا حدّ القداسة بكرامة الإنسان وبالحرّية المطلقة وبالصوت الحرّ، إلى أن نندّد بمواصلة الصمت إزاء ملف المعتقلين الشائك الذي ظلّ يلفّه هذا الغموض. وندعو المجتمع الدولي إلى:
-فتح ملف المعتقلين جدّيا وتفعيل القرارات الأممية في هذا الإطار.
-تشكيل هيئات أممية مهمّتها زيارة المعتقلات للاطلاع على حقيقة الأوضاع.
– محاكمة رموز النظام في محاكم دولية قبل انتهاء الصراع انطلاقا من مبدأ عدم الإفلات من العقاب والذي تعمل على ترسيخه منظمة الأمم المتحدة.
-تكليف جهات حقوقية سورية ذات ثقة وصلة بالملف بإعداد تقاريرعن واقع المعتقلين للتواصل مع القوى الدولية والتفاوض معها.
-عقد مؤتمر دولي أممي لوضع النقاط الأساسية لحلحلة الملف ومعرفة مصير المعتقلين وأماكنهم.
-مطالبة النظام بالكشف عن العدد الحقيقي للمعتقلين وللضحايا الذين لقوا حتفهم جراء التعذيب.
-النأي بملف المعتقلين عن الابتزاز الحقوقي والسياسي وعدم الاستثمار فيه.
-محاسبة من أجرم في “مجزرة التضامن” التي هزّت العالم وكادت تكون الفرصة الذهبية للمعارضة من ناحية التعاطي الإيجابي مع القضية من قبل المجتمع الدولي الذي ندّد بتلك الجريمة الشنيعة.
– مناشدة الأمم المتحدة لإصدار قرارات بالإفراج الفوري عن المعتقلين والمغيبين قسريا في سورية عبر الضغط المحلي والدولي.
-وضع حدّ لمختلف الانتهاكات والممارسات التي تؤدي إلى اعتقال الأبرياء دون وجه حق قانوني.
– تكثيف جهود التحسيس عبر الإعلام والندوات واللقاءات الشعبية، بالواقع الإنساني المرير للمعتقلين للضغط من أجل إطلاق سراحهم بدون قيد أو شرط.

الموقعون:
المرصد السوري لحقوق الإنسان
حسن عبد العظيم- هيئة التنسيق المعارضة
ليلى عوض-مخرجة وممثلة سورية
مؤسسة ايزيدنا
علي عيسو-ناشط حقوقي
غياث كنعو-مدير تحرير صحيفة اور سوريا بألمانيا
عمر الحبال-محامي
بسام الأحمد- سوريون من أجل الحقيقة
حسين نعسو- الهيئة القانونية الكردية
صلاح علمدار-سياسي سوري
د-محمد صالح ابراهيم-ناشط مدني وحقوقي
ياسر البدوي-معارض سوري
حبيب حداد-وزير الإعلام الأسبق السوري
جيهان خلف- صحفية وناشطة مدنية
يحي عزيز-هيئة التنسيق
وداد نوح-ناشطة حقوقية
د- جوار محمد صالح ابراهيم- ناشط في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان
مفيدة الخطيب- ناشطة سياسية
أحمد تامر بكار- -أخ المعتقل محمود تامر بكار
حسن مصطفى شوبك- ناشط مدني
محمود السويد- ناشط مدني
رنا خضر بكار-أخت المعتقل محمد خضر بكار
فاطمة زهري باليقا-اخت المعتقل خالد زهري باليقا
فادي شباط-إعلامي
رقية الشاعر- ناشطة مدنية وحقوقية
عبد الله حاج محمد- الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي السوري
ياسر الحسن مدرس- ناشط بالحراك الثوري والمجتمع المدني

باسل الجلالي أخو المعتقل أحمد محمد الجلالي أبن المعتقل محمد ركاد الجلالي وأبن أخو المعتقلين :علي ركاد الجلالي.هلال ركاد الجلالي

زكريا القرقعي: معتقل سابق
عامر القرقعي-معتقل سابق
فاطمة سليمان-ناشطة مدنية

احمد مظهر سعدو-صحفي ومعارض
هاجر الحاج احمد عبد العزيز نعسان-ناشطة حقوقية وهي الناجية الوحيدة من الاعتقال بعائلتها
محمد سعد الدين-صحافي.

سميرة زعير: عضوة لجنة التنسيق والمتابعة في شبكة المرأة السورية

شبكة المرأة السورية

أسامة عاشور: ناشط مدني وسياسي