المعارض السياسي إبراهيم الجباوي: “عرّابو أمريكا” هم صناع هذه المعارضة ولن نسمح باستخدام السوريين كمرتزقة في أوكرانيا

74

يتأمّل السوريون بوادر حلّ سياسي سلمي بعد أن اكتووا بنار الحرب والجوع والقتل والتهجير القسري، ولا يزالون ضاغطين على معاناتهم وجراحهم يحدوهم الأمل الذي يهوّن عليهم ألم الانتظار للعودة إلى العيش باستقرار.
ويرى الدكتور ابراهيم الجباوي، المعارض السياسي، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ دور المعارضة ظل ضعيفا ضعيفا ولم تسعَ بآلياتها المتنوعة إلى صياغة أرضية لإخراج البلاد من مأزقها الأمر الذي استغله النظام وحليفاه الروس والإيرانيون، مشيرا إلى أنّ الوقائع طيلة السنوات الماضية أثبتت أن الحلّ لن يكون عسكريا.
س-11 عاما على الثورة السورية.. ماتقييمكم للأوضاع، ولماذا فشل الجميع في فرض تنفيذ القرارات الأممية؟

ج-مرّت 11 سنة على الثورة حيث ظلّت في أوجها إلى عام 2015 وكان النظام متراجعا يتخبّط في خراب أحدثته الحرب لكن التدخل الروسي سرعان ماقلب الموازين وغيّر المعادلات، وضُخّت الأسلحة لقتل السوريين وتفكيك الدولة وتدميرها، وحتى القرارات الصارمة لم يتضرّر منها سوى الضعفاء من شعبنا، وفشل تطبيق القرارات الدولي معلوم لمن يعود.

س-هل ترون أفاقا أخرى غير طريق القرارات الدولية للحل السياسي السلمي؟

ج-إنّ المعارضة السورية ومجتمع الثورة السورية مؤمن بشكل قاطع بأن الحلّ السياسي لن يكون إلا بعيدا عن العسكرة وحمل السلاح ومنطق العنف، لكن هذه القوى قد أُجبرت على استخدام السلاح للدفاع عن الدولة والشعب والأرض، كُنا نأمل في ألاّ تتوجّه الثورة السلمية إلى هذا التسليح من قبل العصابات المنظمة وحزب الله والمليشيات الإيرانية، لكن وحتى وفق القانون يُعدّ الدفاع عن النفس مشروعا وهو ما دفع قوى الثورة إلى التدخل واستخدام السلاح.. نحن متمسكون بالقرارات الدولية وخاصة القرار2254 ونطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته الكاملة لتنفيذ القرار أو وضع آلية تنفيذ مستعجلة لهذا القرار ، والملاحَظ أننا لم نلمس من غير بيدرسون حسما في هذا الموضوع، في حين نعلم أن روسيا لا تريد تطبيق القرار المذكور بالكامل لأنها قد أوجدت مسار أستانة وسوتشي وتحاول عبرهما إفراغ القرار من مطلبه ضد إرادة الشعب السوري الثائر المطالب بالحرية والعدالة والمتمسك بالقرارات الأممية برعاية دولية.

س-مرت 11عاما على الثورة وظل ملف المعتقلين عالقا دون حل ودون معرفة مصير الآلاف، كيف يمكن تحريك هذا الملف دوليا لإجبار كل الأطراف على حلحلته؟

ج-لن يرضى النظام بفتح ملفّ المعتقلين برغم كافة الجهود المحلية والإقليمية والدولية والمساعي التي شدّدت على ضرورة إيجاد حلّ لهذا الملف الشائك الذي يخصّ كل بيت سوري، ليظل مصيرهم قاتما وغامضا برغم صدور قانون قيصر ومقتل 11 ألف شخصا في معتقلات النظام، وقد سبق أن سرب قيصر 55 ألف صورة لفضح مأساة مايتعرّض له القابعون في السجون من انتهاكات جسيمة ومجازر شوهدت على القنوات العالمية ووثقتها المنظمات الحقوقية الدولية..
نعتبر أن ملفّ المعتقلين فوق تفاوضي، سيما أن أغلب الاعتقالات تعسفية بموجب مخالفة الرأي الواحد الذي ظلّ حاكما البلد عقودا، فبمجرّد أن خرج الناس وعبروا عن رأيهم ومطالبهم بوطن حرّ ديمقراطي يقبل الاختلاف، تم الزجّ بهم في المعتقلات التي تتنافى والمعايير.. لذلك نطالب الأمم المتحدة بتحمّل مسؤولياتها من أجل الكشف عن مصير المعتقلين والمغيبين قسريا.

س-حديث عن استعداد 40 ألف سوري للقتال في أوكرانيا إلى جانب الروس، ألا تخشون أن يتم مجددا كما حدث في ليبيا استغلال السوريين كدروع في هذه الحرب التي قالت سلطة دمشق إنّ الهدف منها هو محاربة النازيين في تلك المنطقة؟

ج-نعم ، تردّدت عديد الأخبار التي مفادها أن آلافا من السوريون سيلتحقون للمشاركة في الحرب في أوكرانيا،وللأسف هناك من يقبل باستخدام السوريين كمرتزقة لدعم روسيا التي تعتبر عدوا لشعبنا وهي التي شنّت حربها مستخدمة الكيماوي ضدنا في سنوات خلت.. أخلاقيا وسياسيا نرفض ذلك رفضا قطعيا ونعتبر الخطوة سقطة أخلاقية من النظام.. نحن ضد سياسة الشبيحة ومن يُعرفون بالدفاع الوطني .. لا نقبل إرسال أي سوري بل ننبذ مثل هذه التصرفات الخاطئة،ونندد باستخدام شعبنا في ليبيا أو أذربيجان أو أوكرانيا.
بوتين يسعى إلى إعادة أمجاد الإتحاد السوفياتي والإمبراطورية الروسية السابقة وهو حلم غير سهل المنال.

س-وجّه أعضاء من “هيئة التفاوض السورية” التابعة للمعارضة نداء إلى “مجموعة أصدقاء الشعب السوري”، لوضع حدّ للتغوّل الروسي في القضية السورية، واستبداد المنظومة الحاكمة.. كيف يمكن الحد من هذا التوغل والتغول؟؟
ج- نعم أرسلنا- وأنا ضمن المجموعة – كتابا إلى مجموعة أصدقاء الشعب السوري التي تسمّى المجموعة المصغّرة،في أثناء اجتماعها بواشنطن من أجل وضع حدّ للتوغل الروسي في القضية السورية وإجبار روسيا على أن تكون محايدة لاعتبارها متّهمة بارتكاب جرائم في حقّ السوريين مع حلفيها النظام والفرس.. دعونا أصدقاء الشعب السوري إلى التدخّل لإيقاف الروس الذين طالما تشدّقوا بحلحلة الأزمة السورية من بوابة القرارات الأممية التي ستحقّق مطالب الشعب الثائر..موسكو لم تأت لإيجاد الحلول للقضية السورية بل كان تدخّلها مؤذيا ومدمّرا، وهي التي منعت النظام من السقوط حين كان يتهاوى، وهو ما صرّح به وزير الخارجية سيرغي لافروف حين قال “لولا تدخلنا لسقط بشار الأسد في غضون أسبوعين”.. جاءوا للالتفاف حول النظام فقط لا من أجل مصالح الشعب الذي يعيش القهر والظلم والاعتقال.. يمكن أن يتم الوقوف في وجه الروس حين يقوم المجتمع الدولي بوظيفته الحقيقية.

س-بعد 11عاما على الثورة هل يمكن أن نقول إنّ الأسد قد انتصر على اعتبار أنه لم يسقط؟
ج-بأي مكاسب انتصر بشار الأسد؟، في وقت بلغت نسبة الفقر 95 بالمائة ، وبلد على حافة المجاعة في ظل غياب الغذاء والماء والأدوية والضروريات الحياتية، وملايين وزعوا بين بلدان اللجوء ومخيّمات النزوح.. بلد وكأنه في العصور الوسطى من شدّة الخراب والدمار، وإن كان الانتصار يتجلّى في ملايين القتلى والتدمير التام للبنى التحتية وللشعب السوري، نعم، قد انتصر عبر الاعتقال والقتل لاغير.
-ما بلغه النظام هو بمثابة الهزيمة الأخلاقية والوطنية وضرب للسيادة الوطنية السورية وسمح بتقسيم الأرض وتفتيت الشعب فقط ليظلّ في كرسيه، كان عليه مواجهة مطالب الشعب بترحاب حين خسر70 بالمائة من الجغرافيا السورية لكنه اختار طريق القتل والتدمير، فلولا التدخل الروسي عام2015 المباشر بالأسلحة الجوية الإستراتيجية لسقطت سلطته حينها، ويمكن الإشارة إلى أن المناطق التي قام باسترجاعها لم تستفد شيئا بل ظلّت جائعة محرومة من أبسط مقومات الحياة الكريمة، فضلا عن الاغتيالات بشكل شبه يومي والعنف المستمرّ والتهريب بمختلف أشكاله.. الانتصار هو انتصار الأخلاق والعدالة والحق والمساواة وتحقيق أدنى مطالب الشعب.

س- ماهو دور المعارضة في المرحلة المقبلة؟
ج-القضية السورية قضية دولية وهي بعهدة الأمم المتحدة، ويتحكم في القضية الطرفان النقيضان: دولة روسيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، أي القطبان المتناحران، ومن المؤلم أن صوت المعارضة لا يُسمع، لكن يمكن القول إنّ من يتصدرون مشهد المعارضة أضعف من أن يبادروا أصدقاء سورية والدول الراعية والمؤمنة بالقضية إلى طرح المسألة ومعالجتها على القواعد الأممية.. نرى أن كلمة معارضة باتت موالاة لدولة كما قال حمد بن جاسم رئيس وزارة قطر السابق.. “المعارضة خليط من السلطة”.. ولكن السؤال يا بن جاسم: من أنتج هذه المعارضة؟ أليستَ أنت من خلال مؤتمر الدوحة الذي تمخّض عنه الائتلاف وأنت “عرّابهُ” باسم الولايات المتحدة الأمريكية؟.. كلكم صنعتم هكذا معارضة وساهمتم في بنائها وهي التي لم ولن تخدم الثورة السورية.