اردوغان بين مطرقة الغرب وسندان روسيا

63

يطالب دوغو پرنچك -الذي استقبله الرئيس السوري في دمشق قبل فترة – اردوغان بالعودة لمسار العلاقات الطبيعية مع دمشق، والعمل معها من اجل تبديد الخطر الذي يهدد الجانبين حسب برنجك ويقصد الادارة الذاتية في شمال شرق سوريا. وهو يرى بان دمشق لن تمانع في اقامة تلك العلاقة من جديد اذا تنازل اردوغان عن المعارضة السورية، وهي قد أصبحت حملا ثقيلا على تركيا وعليها التخلص منها لان اضرارها على الجانب التركي اكبر بكثير من الفوائد التي جنت منها، ويرى برنجك بانه لا طائل من الإبقاء على معارضة فقدت الصلاحية وخلقت لتركيا العديد من العداوات في المحيط الإقليمي وحتى الدولي ولهذا يطالب بان تعود تركيا الى محيطها الإقليمي والاوراسي والابتعاد عن أوروبا والغرب بشكل عام لأنها لم تجني منهم سوى الخيبات وتم استخدام تركيا من قبل حلف الناتو لزعزعة الأوضاع في الدول التي من المفترض ان تكون حليفة كروسيا والصين ولهذا يركز برنجك في كل مقابلاته ومن خلال الاعلام المرتبط بحزبه /الوطن/ على هذه النقطة وكما هو معروف يعتبر احد اهم الشخصيات – التي تتحدث عنها وسائل الاعلام التركي – الدولة العميقة والداعمة لحكومة اردوغان، وله علاقات جيدة مع الحكومة الروسية ولهذا يحاول بإصرار تأسيس البنات الأولى لإعادة العلاقات بين انقرة ودمشق، والتصريح الأخير لوزير الخارجية التركي الذي بين فيه جهوزية الحكومة التركية دعم دمشق في حال قيامها بمحاربة قوات سوريا الديمقراطية، خطوة تركية متقدمة في سبيل التقارب بين الحكومتين.

لقد مهد برنجك للتكويعة المحتملة من اردوغان نحو دمشق بعد ان انسدت امامه كل الأبواب التي طرقها لشن عدوان جديد على الأراضي السورية وتحديدا على مناطق شمال شرقي سوريا للتخلص من الخطر الذي يهدد امنه حسب ادعاءاته وسيحاول في اجتماعه المرتقب مع بوتين غدا التوصل الى اي اتفاق ممكن حتى ولو كان الموافقة على إعادة العلاقات الطبيعة مع دمشق في سبيل تحقيق هدفه ذاك، حتى ولو كانت مقابل تنازلات مؤلمة أولها تطبيق الاتفاقات السابقة بخصوص سوريا ومن المرجح ان يطالب بوتين اردوغان بحسم الموقف من ضم القرم وإيقاف بيع الأسلحة لأوكرانيا. ولا يستبعد البحث في عقد اتفاقيات تجارية إضافية بين البلدين وخاصة ان تركيا تمر بظروف اقتصادية سيئة مع انهيار يومي لقيمة الليرة وزيادة نسبة التضخم بشكل كارثي مما يفرض على الحكومة التركية في هذه المرحلة تطوير وتنويع علاقاتها مع إيران وروسيا في كافة المجالات لان الغرب لن يساعدها في التخلص من أزمتها الاقتصادية، وكما هو معروف هرولت اردوغان نحو الامارات والمملكة العربية السعودية لم تحقق له ما كان يتأمله من المساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي ولم يأخذ من حكومة البلدين سوى بعض الامنيات والمجاملات لهذا بقي امامه الدولتين الجارتين /العدوتين لحلف الناتو/. وبقراءة موضوعية للوضع الحالي ان كان في سوريا او على صعيد الحرب الروسية على أوكرانيا، اصبح بوتين اكثر تشددا في مواقفه مع من يساعد او يساند -اعداءه- واكثر حزما في التعاطي مع الدول الأخرى ولهذا يرجح ان يلاقي اردوغان الرفض ذاته الذي لاقاه من قمة طهران.

من المفيد ان نذكر ان اردوغان يعاني في الفترة الأخيرة من فقدان الثقة به وبحكومته في الداخل والخارج وهو ما يدفعه ان يهرب الى الامام ويسابق الزمن في سبيل تحقيق بعض المكاسب وخاصة على الصعيد الجماهيري الذي أغدق عليها الكثير من الوعود دون ان تتحقق. كما ان سياسته الداخلية افرزت أعداء كثر له ومنهم من كانوا أقرب اصدقاءه ورفاقه في الحزب هناك استنزاف يومي في صفوف حزبه واخرهم كان مالك اكبر شركة لصناعة المركبات العسكرية والتجارية في تركيا ايثم سنجاك، الذي افشى عن سر كيفية وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة واكد بانهم وصلوا للسلطة بدعم مباشر من الولايات المتحدة الامريكية، وهو ما شكل صدمة على الصعيد الداخلي وسنجاك مثل برنجك من اشد المؤيدين لخروج تركيا من الناتو والتوجه شرقا للتحالف مع روسيا والصين وايران ويتفق العديد من اركان الحزب مع توجهاتهم في أن اوراسيا وليست أوروبا هي المكان الطبيعي لتركيا ومن الصعوبة جدا تحقيق ذلك التوجه بسبب الروابط والجسور الكثيرة والمتشابكة والتغلغل الغربي في كافة مجالات الحياة التركية الثقافية والاجتماعية والعسكرية ولهذا تراه مكبلا بأصفاد الناتو والغرب ومتمنيا بالتحالف مع روسيا والشرق.

سيجرب حظه مرة أخرى مع بوتين للحصول منه على صك عدوان جديد على الأراضي السورية كما ذكرنا سابقا على الرغم من ان كل المؤشرات تدل على صعوبة حصوله على الموافقة لان النظام في وضعية مرتاحة والمعارضة فقدت مواقعها ومجموعاتها المسلحة تتقاتل فيما بينها. لهذا من المرجح كما ذكرنا ان يعود اردوغان خالي الوفاض هذه المرة بل سيلاقي ضغوطات من بوتين لإعادة العلاقات مع النظام السوري وتسهيل إعادة سيطرت الأخير على الأراضي السورية المحتلة. ليس هناك أية أدوات في يد اردوغان ليهدد بها بوتين هذه المرة بل للأخير العديد من المطالب التي سيحاول فرضها.
باختصار القمة المرتقبة هي قمة تقديم التنازلات من قبل اردوغان لبوتين، لا وجود للفصائل المسلحة السورية في حلب او حمص او درعا ليساوم عليهم ويحقق ما يريده.

الكاتب: حسين عمر

المصدر: وكالة إيلاف