أسماء.. صحيفة تكشف بالوثائق طرق تحايل النظام السوري على العقوبات
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن النظام السوري يؤسس شركات وهمية في محاولة ممنهجة لتجنب العقوبات الغربية، بحسب وثائق رسمية حصلت عليها الصحيفة.
وبحسب الغارديان، فإن الوثائق تفصل أعمال ثلاث شركات على الأقل تأسست في سوريا في نفس اليوم بهدف واضح هو العمل كشركة لشراء الأسهم وإدارة شركات أخرى.
وتحمل الشركات الثلاث أسماء Trappist و Super Brandy و Generous.
وتظهر الوثائق روابط واضحة بين مالكي الشركات الوهمية الجديدة، ورئيس النظام، بشار الأسد، والنخبة السورية القوية اقتصاديا، بما في ذلك الأفراد الخاضعين للعقوبات، بحسب الصحيفة.
وتقول الصحيفة إن تعقيد هيكل ملكية الشركات في سوريا يزيد من صعوبة فك تشابك الدور الذي تلعبه في تعزيز الموارد المالية للنظام ويجعل من الصعب على القوى الأجنبية فرض عقوبات فعالة على الدائرة المقربة من الحكومة.
وفي أكتوبر الماضي، قال وزير الاقتصاد السوري، محمد سامر الخليل، إن “التهرب من العقوبات أصبح حرفة سورية”، ودعا المستثمرين الأجانب المترددين في الانضمام إلى السوق بسبب العقوبات إلى “عدم الظهور بأسمائهم الحقيقية في السوق المحلية”.
ونقلت الصحيفة عن، إياد حميد، وهو باحث كبير في برنامج التطوير القانوني السوري ومقره لندن تأكيده أن “من المهم [الاستمرار في تتبع الشركات الوهمية] لأنه جزء من تجميد الأصول وتجفيف الموارد التي يستخدمها النظام لانتهاك حقوق الإنسان في سوريا”.
وقالت رئيسة قسم العقوبات العالمية في رابطة المتخصصين المعتمدين في مكافحة غسل الأموال، جوستين ووكر، للغارديان إن الحكومات ليست مضطرة إلى الانتظار حتى تبدأ الشركات الوهمية في شراء الأسهم أو نقل الأموال قبل فرض عقوبات عليها.
وقالت: “جزء من [العقوبات] هو ضمان عدم استمرار الشركة في عملياتها وعدم القدرة على تأسيسها [في المقام الأول]”.
المالكون
وبحسب الصحيفة فإن أحد المالكين الثلاثة للشركات الوهمية الجديدة هو علي نجيب إبراهيم، وهو مالك مشارك لشركة تيلي سبيس، وهي شركة تمتلك جزءا من شركة وفا ش.م.ع، والتي تم ترخيصها في أوائل عام 2022 لتصبح ثالث مشغل اتصالات في البلاد.
المالك الجزئي الآخر لشركة وفا ش.م.ع هو يسار حسين إبراهيم (المعروف أيضا باسم ياسر حسين إبراهيم)، مستشار الأسد ورئيس المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة، ويخضع للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
أما الشخصيتان الأخريان اللتان تمتلكان الشركات الوهمية الجديدة فهما رنا أحمد خليل، 20 عاما، وريتا أحمد خليل، 21 عاما. وهما ابنتا أحمد خليل خليل، الذي يمتلك نصف شركة تيلي سبيس، بالشراكة مع علي نجيب إبراهيم.
وأحمد خليل خليل هو أيضا مالك مشارك لشركة سند لخدمات الحماية والأمن، المسؤولة عن حماية شحنات الفوسفات الروسية من وسط سوريا إلى ميناء طرطوس.
وشريكه في سند هو ناصر ديب، المالك المشارك لشركة Ella Services – ويخضع للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة – مع خضر علي طاهر، رجل الأعمال البارز لنظام الأسد.
ويقال إن طاهر، الذي فرضت عليه أيضا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات بسبب تمويله للنظام وتورطه في التهريب والتربح، متورط كمهرب للكبتاغون – وهو نوع من الأمفيتامين محلي الصنع.
وتقول الصحيفة إن الشبكة الإجرامية التي يستخدمها النظام السوري للتهرب من العقوبات والحفاظ على استمرار عمل الاقتصاد غير المشروع للبلاد تتفوق على أي تحديثات من قبل الحكومات الغربية.
وقال حامد “كانت عقوبات إدارة (بايدن) الجديدة محدودة للغاية، وبطريقة ما، ليس لديهم الشهية التي كانت لدى الإدارة السابقة لفرض عقوبات على الأفراد في سوريا”.
وينطبق الشيء نفسه أيضا على حكومة المملكة المتحدة، التي أعلنت عن جولة واحدة جديدة فقط من العقوبات منذ مغادرتها الاتحاد الأوروبي.
واستهدفت العقوبات حلفاء مقربين من الأسد، بمن فيهم يسار حسين إبراهيم في عام 2021 ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد.
كما فرض المكتب الأميركي لمراقبة الأصول الأجنبية، وهو وكالة إنفاذ القانون التابعة لوزارة الخزانة الأميركية، عقوبات على إبراهيم وطاهر.
وقال بيتر ستانو من وزارة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن التطورات في سوريا ظلت قيد المراجعة المستمرة.
وأضاف “أظهر (الاتحاد الأوروبي) … أنه يستجيب في اتخاذ قرار بتجديد العقوبات أو تعديل قائمة الكيانات أو الأشخاص المستهدفين بناء على التطورات على الأرض”.
وقالت المفوضية الأوروبية إنها ستنقل المعلومات التي نشرتها الغارديان إلى “السلطة المختصة ذات الصلة للتقييم، وإذا لزم الأمر، لمزيد من التحقيقات”.
ويسمح ما يسمى بقانون قيصر الأميركي – الذي سمي على اسم أحد المبلغين عن المخالفات في أجهزة الأمن السورية الذي وثق استخدام نظام الأسد للتعذيب – بفرض عقوبات ثانوية على الأفراد والشركات المرتبطة بالنظام، حتى لو لم يرتكبوا سلوكا خاضعا للعقوبات.