“والدتي توفيت حزنًا عليّ”.. سيدة إدلبية تروي قصة اعتقالها على يد أجهزة النظام الأمنية 

149

تروي السيدة (س.خ) من مدينة إدلب، لـ”المرصد السوري” قصة اعتقالها على يد عناصر أجهزة الأمن السورية، أثناء دراستها الجامعية في مدينة حلب منتصف العام 2013، وتنقلها بين عدة أفرع أمنية تابعة للنظام.

تقول السيدة: أنها اعتقلت على أحد الحواجز الأمنية التابعة للنظام عند مدخل مدينة حلب، أثناء ذهابها للجامعة بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2013، حيث أوقفها عناصر الحاجز لعدة ساعات وجرى التحقيق معها، ثم اقتادها العناصر إلى فرع المخابرات الجوية في حي “جمعية الزهراء” بحلب، وهناك منعوا عليها الطعام والشراب والتواصل مع عائلتها داخل زنزانة منفردة لساعات طويلة قبل أن يبدأ التحقيق معها.

وتصف السيدة (س.خ) غرفة التحقيق بأنها مخيفة يشرف عليها ضابط برتبة “مقدم” بدأ التحقيق باتهمها بتنسيق المظاهرات ومساندة “فصائل الجيش الحر”، وانهال عليها المحقق بالضرب المبرح وركلها وجرها على الأرض بعد نفيها لتلك التهم، ثم أمر العناصر بضربها بقسوة، وأمضت على هذه الحالة لما يقارب الشهر، كانت تتعرض للتعذيب بشكل شبه يومي أثناء التحقيق معها، ثم نقلت مع مجموعة من المعتقلين إلى “فرع المخابرات الجوية” بالمزة بدمشق.

شهر كامل مر عليها وهي منقطعة عن التواصل مع ذويها، وتتعرض لأصناف التعذيب، ورغم ذلك بقيت(س.خ) صامدة ويملأ قلبها الأمل بالعودة لجامعتها ولقاء والديها وأشقائها الأربعة، تفكر بما يحدث معها وكأنها لم تصدق، وكأنه مجرد حلم تنتظر الاستيقاظ منه.

وتكمل، بعد وصولها لفرع “المخابرات الجوية” استقبلها عناصر الفرع بالضرب، ثم وضعت داخل زنزانة مع عدد كبير من المعتقلين والمعتقلات، ويوجد في سجون الفرع عدد كبير من الشبان والشابات ومنهم منشقين عن قوات النظام، وبدأ التعذيب يزداد بشكل يومي، لدرجة أنه كان يجري التعذيب الجماعي، حيث يدخل مجموعة من عناصر الفرع وبيدهم أنابيب صرف صحي وينهالون بالضرب على المعتقلين، وأحياناً يتم تعذيبها منفردة بالصعق بالكهرباء والشبح والتعذيب النفسي من تحرش جنسي وحرمان من دخول الحمام وغيرها من أصناف التعذيب

ورغم كل ذلك لم تضعف (س.خ) أمام كل معاناتها خلف قضبان سجون النظام، تحاول أن تعود بذاكرتها للوراء، تستذكر جامعتها وذويها ما يجعلها تتمسك بأملها، حالمةً بانتهاء ما أسمته “بالكابوس” الذي كانت تعيشه، داخل أقبية سجون النظام الموحشة.

وبعد مضي نحو 15 يوماً على اعتقالها في “فرع المخابرات الجوية” بالمزة والذي شبهته بمسلخ بشري بعد أن استشهد فيه شاب عشريني من الغوطة الشرقية تحت التعذيب، نقلت للمحاكمة الميدانية، وحكم عليها بالسجن لمدة سنة ونصف بتهمة الانتماء لتنسيقيات الثورة ودعم “المجموعات الإرهابية” ثم نقلت إلى “سجن عدرا المركزي” الذي كان خالياً في تلك الأثناء من التعذيب على حد تعبيرها، ولكنه كان يعج بآلاف المعتقلين من جميع المناطق السورية.

وتقول السيدة : تمكنت أخيرًا من التواصل مع أهلي وأخبروني بأن والدتي توفيت حزنًا علّي دون أن أراها.

ويقول والد السيدة الناجية من سجون النظام السوري، بأن والدتها كان لديها مشكلات صحية بشرايين القلب، وتأزمت حالتها الصحية كثيراً بعد اعتقال ابنتها، وتطالب زوجها واخوتها برؤية ابنتها(س.خ) قبل وفاتها، إلى أن توفيت داخل أحد المشافي في منطقة “باب الهوى” الحدودي مع تركيا بعد صراعها مع المرض وحزنها الشديد على فراق ابنتها.

وأثناء تواجدها في “سجن عدرا” غادر أشقاؤها إلى تركيا، ولم يتمكن والدها من زيارتها بسبب صعوبة الطريق، مكتفياً بالتواصل معها عبر الهاتف، وأمضت (س.خ) مدة اعتقالها وهي تفكر بالعودة لمدينتها واكمال دراستها، وتحقيق حلمها بالدراسات العليا، وكان ذلك يشجعها على الصمود بوجه ما تعانيه من حالة نفسية وصحية صعبة داخل السجن.

وعن حياتها ما بعد السجن تقول (س.خ) أنها خرجت قبل انقضاء محكوميتها بشهرين، حيث خرجت بتاريخ الشهر كانون الأول/ ديسمبر 2014، ولجأت إلى تركيا، واستقر بها الحال في مدينة اسطنبول، وكأي ناجية من سجون النظام لم تسلم (س.خ) من النظرة الدونية التي ينظرها المجتمع لها، فعانت فترة طويلة من هذه النظرة، وعاشت انهياراً نفسياً طال لعدة سنوات بعد خروجها، بعد أن فقدت دراستها.

 وتحاول السيدة الناجية في الوقت الراهن التخلص من تبعات اعتقالها، وإنهاء معاناتها النفسية، ويساعدها في ذلك أشقائها الذين يتفهمون ما حدث لها “على حد تعبيرها” وقد تقدم للزواج منها مؤخراً شاب، وتتحضر للانتقال لحياة جديدة ونسيان ما حدث معها من مآسي داخل السجن وخارجه.