شمال سوريا.. جدل بعد منع دخول مهجرين إلى “مناطق الإدارة التركية”
قضت عشرات العائلات المهجرة من محافظة القنيطرة السورية ليلتها في العراء، بعد منع دخولها إلى مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة فصائل “الجيش الوطني السوري” الذي يتلقى دعما عسكريا ولوجستيا من الجانب التركي.
وكانت هذه العائلات قد خرجت بثلاث حافلات من بلدة أم باطنة بريف القنيطرة الخميس، بموجب اتفاق فرض عليهم من جانب روسيا ونظام الأسد، وقضى بتهجيرهم إلى الشمال السوري، على غرار ما شهدته عدة مناطق سورية في السنوات الماضية.
ورفض “الجيش الوطني السوري” التعليق على أسباب منع دخول العائلات المهجرة بعد سؤال وجهه موقع “الحرة” للناطق الإعلامي الناطق باسمه، لافتا إلى أن الأمر يتعلق بـ”الحكومة السورية المؤقتة” والمجالس المحلية العاملة في المنطقة.
في المقابل لم يصدر أي موقف رسمي من الجانب التركي، والذي يدير مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي، بدءا من عفرين في أقصى الشمال الغربي، وحتى مدينة جرابلس التي يفصلها عن مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) نهر الفرات.
ويبلغ عدد الأشخاص المرحلين من محافظة القنيطرة 68 شخصا، 17 مقاتلا مع عائلاتهم. وكانوا قد وصلوا إلى “النقطة صفر” بين مناطق سيطرة نظام الأسد ومناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري”.
وقالت مصادر إعلامية من ريف حلب لموقع “الحرة” إن العائلات قضت ليلتها في العراء، قبالة معبر “أبو الزندين”، الذي يعتبر بوابة الدخول إلى منطقة “درع الفرات” (تضم عدة مدن وبلدات في ريف حلب الشمالي).
“أسباب أمنية”
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي موقف رسمي من تركيا أو الفصائل السورية في ريف حلب الشمالي أوضحت مصادر عسكرية لموقع “الحرة” أن أسباب منع دخول العائلات المهجرة ترتبط بدوافع “أمنية”.
وقالت المصادر إن “الأشخاص الراغبين بالدخول إلى المنطقة لا تعرف هوياتهم أو خلفياتهم. مع ذلك قد يتم إدخالهم في الساعات المقبلة على أن يتم التأكد من كامل التفاصيل المتعلقة بهم”.
وتشير المصادر إلى أن الجانب التركي لم يتم إبلاغه من قبل روسيا بعملية تهجير العائلات، وهو الأمر الذي يعتبر سببا آخرا وراء منع دخول المهجرين، بمعنى أن موسكو لم تنسّق بشكل مباشر مع أنقرة بشأن هذه القضية، على خلاف ما سبق من عمليات تهجير في ريف حلب أو درعا والغوطة الشرقية.
ووفق المصادر الإعلامية التي تحدث إليها موقع “الحرة” فإن جميع الأشخاص “المهجرين” كانوا سابقا ضمن صفوف فصائل المعارضة في القنيطرة، ورفضوا الانتساب منذ عام 2018 إلى أي فرع أمني أو عسكري يتبع لقوات الأسد. على عكس ما شهدته محافظة درعا المجاورة.
وحصل موقع “الحرة” الخميس على أسماء المقاتلين الذين تم تهجيرهم من بلدة أم باطنة، وهم من ثلاث عائلات: السعيد، الزامل، الأسعد.
وأثار منع دخول العائلات إلى ريف حلب ردود أفعال غاضبة بين أوساط السوريين، والذين انتقدوا هذا القرار، خاصة أن المناطق التي يريدون دخولها “سورية بامتياز”.
الصحفي السوري، ماجد عبد النور، كتب عبر “تويتر”: “تصحيحا لبعض المفاهيم وتبيانا للحقيقة. الجيش الوطني لا يمنع قافلة المهجرين من الدخول إلى مدينة الباب إنما وللأسف الشديد أن هذا الجيش لا يمون على إدخالها لمناطق سيطرته”.
وأضاف عبد النور “هو (الجيش الوطني) بانتظار أن يدور الملف بين الدوائر التركية حتى يتكرم علينا أحد الولاة ويسمح لنا بإدخال أهلنا إلى أرضنا”.
وانتقد ناشطون سوريون آخرون فصائل “الجيش الوطني”، وقالوا إنها لا تملك أي قرار يتعلق بالمناطق التي تخضع لسيطرتها “بالاسم”.
“تحركات”
في مقابل ذلك أشارت مصادر داخل “الحكومة المؤقتة” في تصريحات لموقع “الحرة” إلى أن مسؤولين فيها يتحركون لإدخال العائلات “في أسرع وقت ممكن في الساعات المقبلة”.
وأضافت المصادر “تم تشكيل فريق خاص من الائتلاف السوري والحكومة المؤقتة، ويتم العمل على إدخالهم بأسرع ما يمكن”.
وذكر رئيس “الائتلاف الوطني السوري”، نصر الحريري عبر “تويتر” أن اللجنة التي تم تشكيلها تعمل على استقبال العائلات المهجرة، وألمح إلى قرب إدخالهم في الساعات المقبلة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يمنع فيها الجانب التركي دخول عائلات سورية مهجرة إلى مناطق إدارته في الشمال السوري، إذ سبق وأن منع عشرات المهجرين من محافظة درعا من الدخول إلى “درع الفرات”، باعتبار أن موسكو لم تنسق معه بشأنها.
لكن وفي المقابل كانت مناطق ريف حلب الشمالي قد استقبلت ومنذ مطلع عام 2018 آلاف المهجرين من ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية، وآخرين من درعا أيضا، في الوقت الذي فرضت فيه روسيا ونظام الأسد اتفاقيات تهجير عليهم.
وتشهد مناطق ريف حلب الشمالي بصورة متواترة تفجيرات وحالة من الفلتان الأمني، وتقول السلطات العسكرية المسيطرة على المنطقة إنها ترتبط بدخول “خلايا إرهابية من جانب نظام الأسد ووحدات حماية الشعب الكردية”.
وكانت المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في الشمال السوري قد تحولت مؤخرا إلى وجهة العديد من الشبان الذين يعيشون في مناطق سيطرة نظام الأسد، حيث يدخلون إليها عبر طرق التهريب بعد دفع أموال بآلاف الدولارات.
المصدر: الحرة